السبت، 7 يوليو 2012

هوى النّفس

بسم الله الرحمن الرحيم.


تفشت في مجتمعاتنا هذه الفترة تصرّفاتٌ ذميمة , لا تمّت لمُجتمعنا العربيّ والإسلامي السويّ بصِلَة..
ومن أسوأ هذه التصرّفات ما يسمى بـ "المعاكسة" أو "التحرّش"...
وقد تناقشت كثيراً في هذه المشكلة لكني لم أخرج بفائدة تذكر من هذه النقاشات خاصة أن جميعها كانت "الكترونية" ؛
فالشاب يرى نفسه عاجزاً عن التحكّم في غرائزه أمام ما يلبسنه الفتيات من ملابسٍ -في الحقيقة- تستحي منها الأعين وتثار لها الغرائز , ويجعل ملابس الفتيات هذه مُبرّراً للتحرش بهنّ , ويرى أنه ليس بمذنب ولا يستحق اللوم والعتاب على ما يفعله .
والفتاة ترى أنها بتغطية شعرها قد أوفت شروط الحجاب المحتشِم
 أو ترى أن لها الحرية أن ترتدي ما شاءت من الملابس ولا يحق لأحدٍ أن يتعرض لها .
أنا أرى أنه لا يحق للفتيات أن يلبسن ما تستحي منه الأعين ومن ثمَ تلومُ من يعاكسها أو يتحرّش بها ...
ولا يحقّ للشاب أيضاً أن يجعل ملابس الفتيات مبرراً للتحرش بهنّ بكلّ جُرأة ووقاحة .
نعم...
الفتاةُ ستحاسب على ملابسها , والشابّ سيحاسب على ما ينظر إليه ويفعلُه....
الكلام في هذه القضية -ولا مبالغة في وصفها قضية- يطول, وأسبابها كثيرة وبُناءً على تعدد الأسباب تتعدد الحلول ..
هُناك حلول لهذه المُشكلة من الجانب النفسِي والإجتماعي ..لكنِي هنا سأتحدث -وبلا تعقيد- عن حلّ المشكلة من المنظور الإسلاميّ .
فالحل المُشترك لجميع أسباب هذا المرض المتفشي هو : تقويَة الوازع الديني .
نعم...
يجب على كل فتاةٍ أن تعلم أن عليها إثم كل من تُغويه بمحاسنها أوتثير غرائزه بمفاتنها .
ويجب عليها أن تعلم أيضاً , أن الحجاب لم يكن -ولا يمكن له أن يكون- مجرّد "إيشارب" تغطي بهِ شعرها أو جزءاَ منه!
الحجاب -ببساطة- يعني السّتر , يعني إخفاء ما يلفت الأنظار من محاسنِك .
ويجب على كل شابٍ أن يعلم ويتأكّد أن غض البصر "واجب" يأثم بتركه مهما كانت الظروف المحيطة به وأياً كانت الملابس التي ترتديها الفتيات.
ومما أتعجب منه هو أن تكون الفتاة على علم ودراية بأن لها أخاً أو قريباً يتغزل بالفتيات ولا تنصحه أو تحاول منعه , بينما تتضايق وتُثار أعصابها إذا ما طالتها معاكسة... لماذا إذن ترضين على أخَوَاتك ما لا ترضينه على نفسك؟!
ومما يثير العجب أيضاً أن يتحوّل الشابُّ لشجاعٍ مقدام..إذا ما حاول أحد التحرش بأخته , بينما لم تسلم من معاكساته فتياتٌ كثيرات !
وبما أن الحل الأمثل والجِذري لهذه المشكلة -كما ذكرت سابقاً- هو تقوية الوازع الديني , 
ولكي أكون عادلة -وهكذا ينبغي لي أن أكون- فإني سأعرض حلاً (من منظورٍ إسلامي) يستأصِلُ المشكلة من كِلا طرفيها (الشاب والفتاة) .


(1) غض البصر .
1- قال صلى الله عليه وسلم :"‏ثَلَاثَةٌ لَا تَرَى أَعْيُنُهُمْ النَّارَ‏:‏ عَيْنٌ حَرَسَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ كَفَّتْ عَنْ مَحَارِمِ الله "‏ [رواه الطبراني].

2-وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه يقول :" النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، مّنْ تركها من مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه" [رواه الطبراني والحاكم من حديث حذيفة وقال صحيح الإسناد].

3- وقال صلى الله عليه وسلم: " العينان تزنيان، وزناهما النظر " [متفق عليه].

4- و عن جرير بن عبدالله رضي الله عنه قال: "سألت رسول الله صلى عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري " [رواه مسلم].

5- وقال صلى الله عليه وسلّم : "يا علي، لا تتبع النظرة النظرة.. فإن لك الأولى–أي إذا كانت عن غير قصد- وليست لك الآخرة -أي لا تجوز بل عليك الإثم- " [رواه الترمذي وأبو داود وحسنه الألباني]

وللإستزادة , أنصحُكم  بقراءة هذا الموضوع :
الفوائد العشرة..لمن غض بصره



(2) الحجاب .

للحثّ على الحجاب آياتٌ وأحاديثٌ كثيرة ..لكنّ شَرحها يطول, ولذلك اخترتُ لكم حديثاً جليّاً واضِحاً لبيان العقوبةِ الصارمة لمَن تُبدي زينتها التي تُثير غرائز الشباب وتُحيي فيهمُ الشهوة...تأملوه...

- قال صلى الله عليه وسلم : " إثنان من أهل النار لم أرهما , قومٌ معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس -وهم أعوان الحكّام الظلمة الذين يجلدون ويعذبون- ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البُخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا" رواه مسلم
"مائلات" : أي منحرفاتٌ عن طاعة الله .
"مُميلات" : أي ينحرفن بغيرهن , فهُن فاسداتٌ مُفسِدات .
"رؤوسهن كأسنمة البُخت" : أي تلبسُ فوق شعرِها ما يَجعل رأسها كأنه سنامُ بعير, مرتفعاً.
وللحجاب والتستّر فوائدُ عديدة ..أذكر منها :
- الحجاب حصن حصين للمرأة.
- وهو يحفظ كرامتها وإنسانيتها.
- وعدم الالتزام به يؤدي إلى فساد المجتمع.



وأختِمُ كلامي بما كان يُفترض بي أن أبدأه به :
 قال الله تعالى في كتابِه الكريم: " وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى "
التبرّج والسفور من هوى النفس , فهما يوهمان الفتاةَ بزيادة أُنوثتها وفخرها بمحاسنها.
والنظرُ إلى النساء -حتماً- من الهوى الذي تحبّه النفس , فيتوهمُ الشاب أنه بذلك يُخمِد نار غريزته وشهوته مع أنه في الحقيقة يزيدُها اشتعالاً..
وفي الآية الكريمة ...وعد الله كلّ من يتصدى لهوى نفسِه ويقف مرتجلاً أمام شهواته متصدّياً لرغباته المحرّمة ..أن يجزيه جنّة المأوى التي هي مُنى كلُّ مسلمٍ ومسلمة.
فكن قوياً... وتغلّب على شيطانِك ونفسك الأمارة بالسوء .
وتذكَر أنه "من ترك شيئاً لله عوّضه الله خيراً مِنه" كما قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم .




دُمتم .



هناك 4 تعليقات:

  1. مقال رائع يعرض المشكلة من كافة جوانبها :D

    ردحذف
  2. مقال جيد واسلوب جميل فعلا الا انك اخطائتي (من وجهه نظري) حين تحدثتي عن الوازع الديني ثم بدأتي بالفتاه.. الخطا علي الشاب اولا واخيرا .. لا يحق لاي شاب ان يعاكس او يتحرش باي واحده علشان لبسها زي بالظبط لا يحق لاي شاب انه يشرب الخمر لمجرد انه موجود او ياكل في نهار رمضان لان شكل الطعام مغري ... الخطا في الشباب وقله الدين وفي المجتمع اللي حصله انحراف كبير في سلوكياته للدرجه اللي بقت فيه المعاكسه حاجه ظريفه تقدر تحكيها مع اصحابك وعيلتك وتضحكوا عليها .

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك على الرد, وأسعدني ردّك جداً :-)
      لكني أرى أن على الفتيات مسؤولية كبيرة,جداً , ولهن دور كبير في إيقاف هذه الظاهرة .. وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثٍ له أن أكثر الفتن التي يخشى على أمته منها فتنة "النساء" ..

      "" ولا يحقّ للشاب أيضاً أن يجعل ملابس الفتيات مبرراً للتحرش بهنّ بكلّ جُرأة ووقاحة .
      نعم...
      الفتاةُ ستحاسب على ملابسها , والشابّ سيحاسب على ما ينظر إليه ويفعلُه....""
      :)

      حذف