الاثنين، 22 أكتوبر 2012

متى ستأتي؟

متى ستأتي أيها الغدُ الذي.. أحلتُ إليه أمانيّ وأحلامي.. أجّلت إليه كل طموحاتي.. رسمتُ فيه صورةً مشرقةً.. لحياتي..
متى ستأتي أيها الغدُ الذي.. حلفتُ ألا أكرر فيه خطيئاتي.. زلّاتي.. حماقاتي.. وها أنا أغرقُ اليومَ كالأمسِ في ارتكاساتي..
متى ستأتي أيها الغدُ الذي.. ظننتُ بالأمسِ سيكون اليومَ.. وقبلَ أمسٍ سيأتي بالأمسِ.. وكلّ يومٍ تُخيَّبُ ظنوني.. وتخطئُ توقعاتي..
متى ستأتي أيّها الغدُ الذي.. كلما حسِبتُني اقتربتُ منه بعُدَ وكلّما.. بحثتُ أجده بعيداً عن منالاتي..
متى ستأتي.. وأحياكَ يوماً بعدما كُنت لأيامٍ غداً.. وتصيرُ واقعاً بعدما سكنت كثيراً في خيالاتي..
تأخّر قدومُك يا غدي حتى ظننتُ.. أنّك سرابُ وَهمٍ أو طيفٌ عابرٌ من أمنياتي..
صارِحني يا غدي.. أتنوي القدوم حقاً أم.. ستظلّ غداً حتى انتهاء عمري.. وقدوم أجلي..  وانقضاء حياتي؟

الاثنين، 15 أكتوبر 2012

تمسك بحلمك






دُهش العالم مؤخراً بقرارٍ مجنون, اتخذه, وسعى لتحقيقه رائد فضاءٍ سويديٍّ مغامر شجاع " ومغامرته وشجاعته صعدتا به لقمة المجد " يدعى Felix Baumgartner .


كان فيليكس شغوفاً بالقفز الحر وقيادة طائرات الهليكوبتر منذ صغره , وقد بدأ في ممارسة هوايته "القفز الحر" وهو ابن 16 سنة ونجح في القيام بعدة قفزاتٍ حرة منذ ذاك السن . وداعبه ذات يومٍ حلم مجنون جريء , هو أن يقفز من الفضاء باتجاه الأرض محطماً عدة أرقامٍ قياسية , وقد سعى لتحقيق حلمه ونجح في ذلك فتربّع على قمة المجد والشهرة .

لن يكون حديثي هنا عن الأرقام القياسية أو القوانين الفيزيائية المتعلقة بقفزة فيليكس ففي الإنترنت ما يُغني عن حديثي عن هذا , غير أني لا أملك كثير علمٍ بالفيزياء .
سيكون تحدُّثي هنا عن الجنون.. عن الجُرأة.. عن المخاطرة.. عن المُجازفة.. عن التضحية.. والشجاعة .

لو نظرنا نظرة تأمُّلٍ في كثيرٍ من الاختراعات والاكتشافات والقوانين التي حولنا في هذا الكون لوجدنا أن معظمها -إن لم يكن كُلُّها- كانت قبل أن تُكتشَف وتُخترع : أفكاراً مجنونةً أو أحلاماً جريئة, جعلها واقعاً تمسُّكُ أصحابها بها وعدم وأدهم لها لمجرد أنها غيرُ مألوفةٍ أو كاسرة لقاعدةٍ سلَّم لها البشر .
والعالمُ الآن , لم يعد بحاجةٍ للمزيد من الأحلام العادية النمطية , ولا يسَعُ أشخاصاً جبناء ضِعافَ مهازيل سفهاء الأحلام , وهو, في الجانب الآخر, في حاجةٍ ماسةٍ لأحلامٍ جريئةٍ وأهدافٍ مميزة -ساميَة- ترقى به وتسمو , في حاجةٍ لأحلامٍ وأهدافٍ لا يخشى أصحابُها الفشل أو يهابون التضحية .

ولا أدعو هنا أبداً للتهوُّر والاندفاع الطائش , بل أدعو للجُرأة والشجاعة والمُخاطرة.. وهناك شعرة بين جُرأة الناجحين وشجاعتهم, وتهوُّرالفاشلين وطَيشهم.. وهذه "الشعرة" هي التي تصنَع الفارق بينهم .

تمسك بحُلُمِك.. ولا تئِده من مهده لمجرد أنه مخالف لعُرف سائد أو منطق وضعه البشر.. تمسك به.. 
حتى لو كانت نسبة واقعيته ومنطقيته ضئيلةً جداً.. تمسك به.. واسعَ لتحقيقه وجعله واقعاً تلمسه ويراه العالم . وحتى لو فشِلت, للمحاولة شرفٌ ليس بضئيل .
وللعلم, فيليكس توقع نجاح رحلته و قفزته بنسبة 1% فقط ! 

الجمعة، 12 أكتوبر 2012

عفوٌ قدير .


تعلمتُ أن أتأمل أسماء الله وصفاته الواردة في نهاية آي القرآن ؛ لما يكون لها من وثوق الصلة وعمق الترابط بمعنى الآية , ومن الآيات التي تأملتُها :
" إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَو تُخْفُوهُ أو تَعْفواْ عَن سُوءٍ فإِنَّ اللهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيْراً " [ 149- النساء ]
عندما ذكر الله تعالى ( العفو عن السوء ) في الآية الكريمة , أحب أن يذكر عباده أنه عفوٌ رغم كمال قوته وعظيم قدرته فقال تعالى : ( فإن الله كان عفواً قديراً ) .
وعلى المسلم هنا أن يقف عند معنىً عظيم جليل :
أن ربه وخالقه , رغم كل ما يملكه من قوةٍ وعزةٍ وقدرةٍ وجبروتٍ وملكوتٍ وعظمة , يعفو عن عباده , ويغفر لهم زلاتهم وأخطاءهم وإسرافهم في أمرهم , ويعطيهم الفرص تلو الفرص ليرجعوا وينيبوا اليه .
وبرغم ذلك , تجد أُناساً ينأَون عن مسامحة غيرهم , ويأبَون العفو عن زلل الآخرين وأخطائهم , ويصرُّون على الانتقام ممن أخطأ بحقهم , ظانّين –خطئاً- أن هذا يزيدُهم عزّاً أو عظَمة! وصلى ربي وبارك على أعظم العظماء الذي ما انتقم لنفسه قط!
وأنت أيها المخلوق الضعيف , كما يخطئ المخلوقون في حقك –وأنت مثلهم- فإنهم يخطئون في حق خالقهم وبارئهم , مالك الملك , ذا الجبروت والملكوت والعظمة , يخطئون –وتخطئ أنت أيضاً- في حقه رغم جزيل أنعمه وواسع فضله عليهم , فيقابلونه بالعصيان والإساءة والتقصير , ويعفو عنهم رغم قدرته على معاجلتهم بالعقوبة والانتقام والبطش والنّكال.
فحريٌّ عليك أيها الإنسان , مهما بلغت قدرتك وسطوتك , أن تعفو عمن أساء إليك وتسامحه وتغفر له .. قدر استطاعتك .. واعلم أن قدرتك على ذلك تتناسب طردياً مع رِفعة منزلتك وسُمُوِّ نفسِك ., وتيقن أن عفوك لا يزيدك إلا عزاً وعظمة ورِفعة , كما قال الصادق الأمين صلوات ربي وسلامه عليه : " وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزّا" .

ومضة ~
عفوٌ يحبُّ العفو..

الأربعاء، 10 أكتوبر 2012

تدوين المهام .

بدأتُ باتباع هذه الإستراتيجية في فترة مزدحمة من حياتي , ورفعت كثيراً من انتاجيتي, ودفعتني للأمام بشكلٍ ملحوظ , فأدمنتُها , وسأتبعها ما امتدت بي الحياة إن شاء الله . بدونها أعجز عن استغلال وقتي الاستغلال الأمثل وأداء مهامي اليومية بالكفاءة المطلوبة , كما أني بدونها لا أنام مرتاحة البال والفكر , مطمئنة أني قد أنجزت شيئاً في هذا اليوم - الذي سأسئل عن كل لحظةٍ به - .

بعيداً عن الدراسات التي تثبت فاعلية هذه الاستراتيجية ودورها العظيم في تنظيم الوقت وإدارته واستغلاله , سأحكي لكم تجربتي -أنا- معها , كيف أفادتني وما الأثر الإيجابي الذي أحدثته في يومي ووقتي وحياتي..

- صفاء الذهن والتركيز : عندما تدوّن المهام التي تود القيام بها , فإنك تُصفّي ذهنك للعمل الذي بين يديك وينصب كل تركيزك عليه وحده , بدلاً من أن تتجول في ذاكرتك -قلِقاً- للبحث عن عمل أهم وأكثر استعجالاً من العمل الذي بين يديك الآن .

- ترتيب الأولويات : وإعطاء كل ذي حقٍ حقه , فالتدوين يمنعك من الإنغماس في عملٍ مهم ليضيق بك الوقت ويأزف في العمل الأهم , ويساعدك على الإمتناع عن الإستغراق في أمرٍ على حساب الأمور الأخرى .

- الرضا : عندما تنظر في نهاية اليوم إلى المهام التي أنجزتها فيه , وتتأكد بذلك أنه لم يضع سدىً , تُشحن لديك طاقة إيجابية كبيرة تُضخِّم إنتاجيتك في الأيام القادمة , فما أعظم أن تشعر أنك ممتلكٌ لزمام أمورك وأنك قد استفدت من قطعةٍ من عمرك , هذا بلاشك يعطيك دفعة معنوية كبيرة وثقةً بالنفس عظيمة .
على عكس ما إذا راودك سؤال : " بمَ استفدتُ من يومي ؟ " فلم تجد في ذاكرتك إجابة مُرضية عن هذا السؤال - وقد تكون قد أنجزت الكثير في يومك, لكن -كما نعلم- آفة الإنسان النسيان - .

- متعةٌ عظيمة.. وشعورٌ رائع.. عندما تستخدم قلمك , أو تحرك اصبعك ( إذا كان تدوينُك لمهامك الكترونياً ) لتعلن لنفسك أن "جزءاً" من أعمال اليوم قد انتهى وأُنجز..
على العكس, فإنك إذا لم تدوّن أعمالك فلن تشعر أن الهمَّ الذي يثقل كاهلك قد تناقص.

هذه أبرز الآثار التي شعُرت بها والثمار التي جنيتُها من تدويني لمهام يومي :)

بقي أن أقول , ختاماً .. أن لكل شخص طريقته الخاصة في تنظيم المهام وتدوينها , التي تناسبه وتريحه وتفيدُه أقصى استفادة . لذلك فلن أوجّه هنا لطريقة معينة تُتّبع في ذلك .
فمثلاً, بعض الأشخاص يفيدهم / يريحهم تدوين وقت للابتداء في العمل والوقت المُتوقع للانتهاء منه.. وبعضهم لا.. بعض الاشخاص يفضلون تدوين المهام الالكتروني وبعضهم يفضل التدوين في مُفكرة .. لكل شخصٍ طريقته التي تناسبه, وتتناسب معه في هذا الصدد. 
وأنت أكثر الناس قدرة على تحديد أكثر طرق "تدوين المهام " فاعليةً معك ومع يومك .

ولكن هناك بعض التنويهات التي يجب أن تنتبه لها : 

- يجب أن تتجنب المثالية الزائدة في تدوينك لمهامك, لا تُفرط في التنظيم .
- إذا أزف بك الوقت ولم تستطع إتمام بعض المهام التي دوَّنتها, فليس هناك ما يدعو للإحباط والشعور بالانهزامية في ذلك, ويفيدك التدوين بتذكيرك بإنجاز ما قصّرت به اليومَ غداً .
- لا تُجدول كل دقيقةٍ في وقتك , اترك وقتاً للطوارئ .. وأوقاتٍ للراحة .


خالص تمنياتي لكم بأيامٍ مُنظمة .. ووقتٍ مُبارك .. وحياةٍ بالانجازات مليئة . 


الأربعاء، 3 أكتوبر 2012

راحة البال


راحةً البال من أهم أنواع الراحة التي يسعى الإنسان لتحقيقها, شعُر بذلك أم لم يشعر, فراحة بال الإنسان تنعكس على راحة جسده وروحِه وعقله وكُلّه , وراحة البال وصفاء الذهن من العوامل المهمة التي تتنحّى بالإنسان عن طُرُق الكسل والإحباط والكآبة إلى طُرُقٍ رَحْبة من الاستمتاع بحياته والاستقرار بنفسيته , كما أنها تدفع الإنسان للعمل والإنتاج بعد أن يتخلص من كثيرٍ من الهموم التي تُثقل كاهله وتُضعف إنتاجيته .

وأعتقد اعتقاداً جازماً أن السبب الأساسي الذي ينتزع راحة البال انتزاعاً , ويجعل الإنسان مُتعب البال , متخبّط الفكر , حائر النفس : إرهاق النفس بالتفكير في المستقبل والخوف مما قد يحمله من أحداثٍ مؤلمة, فيُتعس المرء يومه , وغده , وبعد غدِه , لخوفه من أحداثٍ (قد) تحصُل وقد لا تحصُل , ولو تفكّر الإنسان لوجد أن يومه هذا , كانت أحداثه المجهولة بالأمس موضع خوفٍ وقلق, وقد مرّ بسلامٍ بدون أي من تلك "الأوهام" والمخاوف , وهكذا كُلّ الأيام , أو معظمها .

ولكم أشفق على من يستنزفون سعادتهم ويقضون أعمارهم في الخوف من الغد , فإذا انقضى الغدُ وصار ماضياً , خافوا من غدِه .. حتى تنقضي أعمارهم البائسة بلا سعادةٍ شعروا بها , وبلا استقرارٍ أحسّوا به , وبلا عملٍ أنجزوه!
ولو تأمل أولئك في النصوص القرآنية -أو النبويّة- وتدبروا .. لوجدوا ما يشرح صدورهم , ويريح عقولهم , ويستقرّ بنفوسهم .

وما أروع وصية الرسول صلى الله عليه وسلم, لابن عباس رضي الله عنهما ؛ قال صلى الله عليه وسلم : " يا غلام, إني أعلمك كلمات, احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تُجاهك, إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله, واعلم, أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيءٍ لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه الله لك, ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيءٍ لم يضروك إلا بشيءٍ قد كتبه الله عليك, رُفعت الأقلام وجفت الصحف"

هذا الحديث يستحقّ حقاً أن يُكتب بحروفٍ من ذهب! .. ووالله لو فعل المرء منا بالنصائح التي في أوّله , ثمّ سلّم بالحقيقة التي في آخره , فلن يشقى أبداً! وسينعمُ بحياته , وأُخراه , وينجحَ ويُخلّد ذكراه , ويسمو بروحه ونفسه ودُنياه .

المسلم الحق.. يعيش حياته وفق مبدأ واحدٍ –متعلق بالمستقبل- , إن حاد عنه راجع نفسه فعاد , وإذا لم يعِش وفقه شقي وتعِس دُنياً وأُخرى .
وهو مُتمثلٌ في قوله تعالى :
"قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" [التوبة:51].

اعمل لمستقبلك.. وخطط له.. واسعَ جاهداً لجعله أفضل من حاضرِك.. لكن حِذار أن تستغرق في ذلك وتتعمّق فيه لدرجةٍ تجعلك تُملأ حاضرك تعاسةً وبؤساُ .
اعتصم بحبل الله.. كن معه.. واطلب منه العون والسداد والتوفيق.. احفظه يحفظك وتجده تُجاهك دائماً.. ووالله لا يشقى أبداً –حاضراً ومستقبلاً- من مالكُ كلّ شيء ومقدّر كل الأمور عونه ووليُّه وحسبُه .