الأربعاء، 27 مارس 2013

تيقّظ !

يقول الدكتور مصطفى السباعي :
" نحن نحتاج أن نتذكر ما نعلم, أكثر من حاجتنا لأن نعلم ما نجهل, وأكثر متاعب الإنسان في حياته ناشئة عن نسيانه لحقائق يعرفها. "
ما أعمقها من مقولة ! وما أصدقها من حكمة !
نعم..
نحن نحفظ الكثير, ونعلم الكثير, ونفهم الكثير, ونُدرك الكثير, ونعي الكثير, وموقنون بالكثير والكثير, لكن!...
لكن يقظتنا لما نحفظه, ونعلمه, ونفهمه, وندركه, ويقظتنا لما نحن موقنون به.. هو المهم!
لأن يقظتنا وتذكرنا لهذه الحقائق هو ما يدفعنا لنضع ما في رؤوسنا الممتلئة, في أفعالنا التي تناقض ما ملأ رؤوسنا!


قال تعالى :
وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ [يوسف 105]

تسليمنا, وتكرارنا لمعانٍ ما, قد يُفقدنا جوهرها.. قد يجعلنا نغفل عنها أكثر من غفلتنا عنها ونحن بها جاهلون..
تمر على أسماعنا.. كلماتٌ.. وآيات.. وحكم.. ومواعظ قد اعتدناها.. فلا تتحرك لها قلوبنا, لِمَ؟ لأننا غافلون, ناسون, أو متناسون.

وتمر على أبصارنا آياتٌ كونية لو تأملناها لوجدنا فيها الهدى, لكن من كثرة مرورنا عليها, قد أعمينا عن رؤية أسرارها.
كم قرأنا بعُجالةٍ سورة الفاتحة في صلاتنا, لكن هل تشرّبنا من معانيها؟ أو اغترفنا من أسرارها؟ أو شعُرنا بما فيها من كنوز؟

فإنها بالتأكيد لم يضعها الله في هذه المنزلة -أن تكون لا صلاة لعبد بدونها- إلا لأسرارٍ فيها كثيرة, وحقائق فيها غزيرة, وحِكم فيها وفيرة !
كم سمعنا حديث " من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً..." لن أكمله! فجميعنا يحفظه, لكن من تدبّره؟ من تيقّظ له؟ من طبّقه؟.. من اغترف ولو معنىً من معانيه ؟
نعرف أننا نؤجر على تبسمنا في وجوه الآخرين, هل نتبسم؟, وإذا تبسمنا, هل ننوي بذلك أن نؤجر؟
نوقن تماماً نحن المسلمون, أن هاك موتٌ, وآخرة, وحساب, وجنة ونار, ونعيم وعذاب, وثوابٌ وعقاب, لكن هل هذا اليقين يؤثر في تصرفاتنا, وأفعالنا؟
والأمثلة أكثر من أن تُحصى, لكن لا أريد الإطالة.

نحن إذا فتحنا أعيننا, وأزلنا غشاوات بصائرنا, وايقظنا أذهاننا, فحينها, وحينها فقط, نحقق الهدف من وجودنا, ونصبح جدارى بأن نكون خلفاءً في الأرض.. ونؤمِّن سعادتنا في الدارَين: الفانية, والباقية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق